كتاب بابا سارتر | كتاب pdf
كتاب بابا سارتر
المؤلف : BOOK PDF
القسم : أدب عربي, أدب مترجم, روايات عربية, روايات مترجمة
[PDF] للتحميل والقراءة أونلاين كتاب بابا سارتر بقلم على بدر
“أخذ عبد الرحمن يرتدي ملابسه على مهل أمام المرآة الطولية المثبتة على الخوان في حجرته الدافئة، وبعد أن عقد ربطة عنقه النحيفة الزرقاء، ارتدى النظارة المربعة ذات الإطار البلاستيكي الأسود، وأخذ ينقل عينيه بين صورته المنعكسة على المرآة وبين صورة جان بول سارتر المعلقة على الجدار، فشعر بحزن طاغ اجتاح كيانه كله: (ماذا لو كان أعور؟).”
غواية دفعت علي بدر لكتابة سيرة حياة عبد الرحمن الذي كان يلقب بـ”سارتر الصدرية” فالشيطان المدمر حنا يوسف، حفار القبور ذو السحنة المرعبة، وصديقته الخليعة التي كان يطلق عليها اسماً توراتياً غريباً (نونو بهار) هما من أغوياه بكتابة هذه السيرة التي حفلت سردياتها بالمضحك المبكي
شؤون وشجون المجتمع العراقي المأخوذ ببريق الحداثة ومبادئها وشخصياتها، حتى التماهي. العقلي والذاتي وحتى الشخصي، بينما في حقيقته هو مجتمع يبكي جهالته، ويرثي حال أبنائه المأخوذين بالشعارات الفلسفية، والمستترين بركاكة ثقافتهم، وبسطحية معارفهم وعلومهم وراء مظاهر شكلية
أسلوب الروائي أضفى على موضوعه المطروح متعة، فرغم حلمه في ربح مادي موعود به بإتمامه سيرة فيلسوف الصدرية “عبد الرحمن” الذي عاد من بلاد سارتر بمواطنة فرنسية سارترية أغنته عن الدكتوراه، بالرغم من حلم الروائي ذاك والذي طار كفقاعات في الهواء، إلا أنه ربح رواية، تملك من خفة الظل الممزوجة بروح النقد الساخر، ما يجعلها تقرأ مراراً دون ملل
“ماذا لو كان أعور، للتطابق الصورتان ملمحاً ملمحاً؟ فإن كان عبد الرحمن قد حلق شاربه وصفف شعره المسرّح المدهون على شاكلة تصفيفة شعر سارتر، وإن كان وجهه المثلث الوسيم يحمل ملامح سارتر كلها: الأنف النحيف، الاستدارة الجميلة للخدود، الفم الملموم على نفسه، فإن هذا التطابق سيظل عصياً على التحقق، طالما أن العور لا يطال عينه اليمنى على الإطلاق، فماذا سينقص الوجود لو صار أعور، وكان بعوره سارتر آخر؟ أدرك عبد الرحمن في تلك اللحظة عذاب الوجود ولا عدالته، لو كان وجوداً عادلاً ومتساوياً وأخلاقياً، لصار عبد الرحمن أعور، لكان منحه الله العين العوراء مثلما منحها لجاسب الأعور الذي يبيع الخضرة الباهتة على عربة سحب في سوق الصدرية، فهذا الأعور الجاهل لا يدرك عبقرية عينه السارترية، لا يدرك عظمة عوره الفلسفي، ولا مكانة هذه العين المطفأة في تاريخ الفلسفة”